أهمية شريعة حمورابي
توجد نفس كمية الاختلافات بين هاتين المجموعتين، كتاب العهد وشريعة حمورابي، مثل التشابهات. فلا يجب أن نتعامل معهما وكأن موسى نقل قوانينه من حمورابي بطريقة ما أو شيء من هذا القبيل، لأنه بالرغم من أن حمورابي يسبق موسى بقرون، إلا أن الواقع يقول إن هناك اختلافات أيضًا. والشيء العظيم، هو أنه في اكتشاف شريعة حمورابي هذه، في الغالب أهم شيء يمكنه أن يعطيه لنا هو حقيقة أن... حسنًا، في الحقيقة هما أمران، فعليًا. الأول، هو أنه عندما تقرأ شريعة حمورابي، بعيدًا عن المقدمة، والتحية والخاتمة للشريعة، تبدو غير منظمة تمامًا. أقصد، أنه يبدو وكأنه يقفز من موضوع لآخر، لآخر، وآخر، هذه السياسة إلى تلك السياسة، وهذه السياسة إلى تلك السياسة. وهذا مفيد لأنه، عندما ينظر مفسري الكتاب المقدس إلى كتاب العهد، عادة يدفعون بالأمر جدًا ليجدوا نوع من المنطق في ترتيب هذه القوانين كلها والموجودة في كتاب العهد. ولكن في الواقع، عندما تنظر إلى كتاب العهد في سفر الخروج وتقارنه بشريعة حمورابي، يمكنك أن ترى أنه بنفس جودة تنظيم شريعة حمو رابي أيضًا. فموسى يسرد هذا، وهذا، وهذا، وهذا. توجد ارتباطات ضعيفة جدًا فقط. فلا يوجد إطار خارجي واضح يمكن تبريره لكتاب العهد وسفر الخروج.
إلا أنه، يوجد أمر أخر، وهو التضاد، تضاد عظيم. فعندما تضع العقاب المُعطى في كتاب حمورابي، تجد أن الانتهاكات للطبقات المختلفة من الشعب، والانتهاكات التي كانت ضد الطبقات المختلفة من البشر كانت لها مستويات مختلفة من التعويض والعقاب المعطى لهم. إن عهد موسى، وكتاب العهد به مساوة أكثر بكثير: له علاقة بتقدماتك لله، ومهما إن كان نوع الشخصية التي تسيء إليها أو تجرحها، فهذا هو المطلوب، هذا هو ما نحتاج إليه: عين بعين، وسن بسن، افعل العدل، لا تعامل الطبقة العليا بشكل أفضل مما تعامل الطبقة الأدنى.
ولكن حتى ما هو أبعد من ذلك، يوجد أمر ثالث أعتقد أنه يجب أن نقوله هنا، وهو أننا نتعلم من كتاب شريعة حمورابي طريقة عمل هذه المجموعة. وكان دورها هو أن يقدم حمورابي للقضاة المحليين في المدن المختلفة عبر أمته مقياساً، ومجموعة من السوابق للأحكام التي سيعطونها في أماكنهم المختلفة. فقد كان من المستحيل أن يأتي الجميع لحمورابي، وأن يأتي الجميع له ليأخذ الحكم منه بشكل مباشر. لذا ثبتت هذه المحكمة المحورية هذه السياسات. ولكنه، كان من المهم أيضًا لحمورابي أن يكتب كل سيناريو محتمل يمكن للقاضي المحلي أن يواجهه. وبالتالي، تمت كتابة شريعة حمورابي ليس لإعطاء الإرشادات لكل حالة، بل بالأحرى لإعطاء الحوادث السابقة للقضاة فيطبقونها بحكمة، وهذا، بالتأكيد، هو بالضبط ماهية كتاب العهد. بينما كان موسى يؤسس النظام القضائي لإسرائيل قدم لهم، أي للقضاة في المجتمعات المحلية، الحالات السابقة، ليس لكل حالة محتملة على حدى والتي قد تعترضهم. فقد كانت مهمة القاضي أن يلائمها، ليستخدم الحكمة التي حصل عليها من الخبرة ليكتشف كيف يقضي، فيقول عندي هذا القانون، والآن كيف أتعامل مع هذا الموقف بشكل خاص، وهذا ما يقع بين هؤلاء؟ وهذا يساعدنا كثيرًا. لذا توجد فائدة كبيرة في مقارنة شريعة حمورابي مع الشريعة التي نجدها في كتاب العهد.
الدكتور ريتشارد إل. برات، الابن هو مؤسس ورئيس خدمات الألفيّة الثالثة وأستاذ زائر للعهد القديم في كلية اللاهوت المُصلَحة (Reformed Theological Seminary)، بمدينة اورلاندو، ولاية فلوريدا، بالولايات المتحدة الأمريكيّة.